بعَدَ أَنْ قاَمَ رَسولُ اللَّهِ برِحلةِ الإسراءِ المباركةِ مِنْ مكَّةَ المكرَّمَةَ إلى بیتِ المقدس،ِ وصلّى بالأنَبیاءِ إماما،ً ثم عَرَجَ بهِ إلى السَّموَاتِ العُلا، ورأى مِنْ آياتِ ربَّهِ مارأَى،عادَ إلى فرِاَشِهِ وكانَ لَمْ يزَلْ دافئاً.
وحدّثَ رسولنُا الكريمُ أھلَ قُريشٍ بھذهِ الرِّحلْةِ المعجزة،ِ وأَخبْرَأَصْحاَبَهُ بما رأى من الآياتِ العظیماتِ.
واستْغرْبَ المُشرْكوُنَ حديثَ رسولِ اللَّه،ِ وكَذبَّوه، وادَّعوا أنَّ الرِّحلةَ بین مكّة وبیتِ المقدسِ تَقْطَعُھاَ الإبِلُ في شھور،ٍ فكیفَ يَقْطَعُھَا ذھاباً وعودةً ويَظَلُّ فرِاَشُهُ دافئاً.
فَساَقَ لھمْ رسولُ اللَّهِ الأَدلِّةَ الداَمغِة،َ ومنھا أنَّهُ رأى لھمْ قافلةً عائدةً من الشام،ِ فیھا رجالٌ يَعرْفِھُم،ْ إِلاَّ أنَّھمْ أَصرَوّاعلى تَكْذيِبِه،ِغیرَ مصدقِّین أنّه أُسرْيَ بِهِ لأنَّه لم يَدَّعِ أنَّهُ قَطعَھا كما يَقْطعَونھاعلى ظُھوُرِ الإبِل .ِوقدْ وَصَلَ الخبرُ إلى أبَي بَكرِ الصِّديِّقِ رضي الله عنه، عندما ذَھَبَ المُشرْكِوُنَ إلیهِ يقولونَ له :ُإنّ صاحبِكَ يقولُ كَذاَ وكذا، مدّعیِنَ أنّه كلامٌ كذبٌ وغیرُ معقول .ْفكانَ ردَّهُ ردَّ الرَّجُل الواثِقُ المؤمِن :ُواللَّهِ إنْ كانَ قاَل ذلَكَ فَقَدْ صَدَق .َفَما أبَلْغَ ما قالَهُ ھذا الرَّجلُ العظیم،ُ وھذا ما دعا رسُولنُا الكريمُ إلى تسمیته بالصديق فقد صَدقَّهُ حین كَذبَّهُ الناَّس،ُ وھاجرَ معَهُ في أقسى مراحلِ الدَّعوْةِ وأشدّھا خطرا،ً ونزلَ فیهِ قرآنٌ يتُلْى ويتعبّدُّ بِقرِاَءتَهِ إلِى يوَمِ القیِاَمَةِ.